
انخرط المغرب منذ سنة 2018 في مسلسل تعويم الدرهم وفق خطة استراتيجية لفك ارتباط الدرهم بالأورو والدولار، بعد إتمام المراحل الأولى المرتبطة بإصلاح سعر الصرف. إذ بدأ بنك المغرب تعويما جزئيا للدرهم بنسبة تحرك 2.5% قبل أن يصل إلى نسبة 5% خلال سنة 2020.
وفي هذا السياق؛ أطلق البنك المركزي، في الفصل الرابع من العام المنصرم 2023، المخطط الاستراتيجي 2024-2028 والمرتكز أساسا على استمرار تعويم الدرهم، وفك ارتباطه بالأورو والدولار الأمريكي. هي تطورات تطرح بقوة تساؤلات حول مدى سماح الظرفية الاقتصادية الحالية بالمغرب بتطبيق تعويم كلي للدرهم على المدى القريب أو المتوسط، وكذا حول مدى تأثير ذلك في حال تطبيقه.
وإجابة على هذه التساؤلات؛ أبرز مهدي فقير، الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، في تصريح لـ”برلمان.كوم“، أنه “مازلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق تعويم الدرهم، في المدى القريب وحتى المتوسط”. معتبرا أن “الاستمرار في العمل على هذا التعويم هو أمر طبيعي، لكن لن يتم تطبيقه إلا على المدى البعيد، وفي اعتقادي- دوما في إطار الصرف المالي الحالي- فهذا سيتطلب وقتا طويلا”.
وأوضح فقير أن تعويم العملة “يقتضي التوفر على العديد من الأولويات والعوامل قبل الوصول إلى ذلك المستوى. ويتطلب أن يكون لدينا اقتصاد جد قوي وجد تنافسي واحتياطي كبير من النقد الأجنبي وعنفوان اقتصادي كبير يحقق لنا الصمود أمام أي أزمة من الأزمات وقادر على مواجهة أي نوع من الصدمات”.
وشدد الخبير الاقتصادي على أن “هذه القرارات هي قرارات سيادية ومرتبطة بسيادة الدولة على قرارها الاقتصادي. والتداعيات ستكون خطيرة على المغرب إذا تم التعويم على المدى المتوسط”. مشيرا إلى أنه “عندما نقول تعويم الدرهم وفصله عن الأورو والدولار فإننا نتحدث عن تحرير كلي ونلغي مكتب الصرف ومنظومة الصرف، ويجعل من السوق هي من يقرر وليس مكتب الصرف أو بنك المغرب”.
كما أكد الأكاديمي أن “هذا التعويم في حال تطبيقه على المدى المتوسط- وأنا أستبعد ذلك- سيكون له تأثير قوي وخطير على المغرب لأنه سيؤدي إلى ارتفاع كلف الإنتاج ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية وسيوصلنا ذلك إلى حدوث احتقان اجتماعي إذ سترتفع كلفة المعيشة ولن تكون الدولة قادرة على التحمل”.