الأخبارخارج الحدودمستجدات

حرب الأجنحة داخل نظام العسكر بالجزائر.. توقيت اعتقال الجنرال قايدي يثير التساؤلات؟!

الخط :
إستمع للمقال

قام نظام العسكري الجزائري الحاكم في البلاد، أول أمس الإثنين 23 دجنبر الجاري، اليوم الذي يوافق ذكرى وفاة الجنرال أحمد قايد صالح، باعتقال الجنرال محمد قايدي، حيث أثار توقيت هذا القرار العديد من التساؤلات بين المراقبين للشأن الجزائري، خاصة وأنه يأتي في سياق تصاعد التوترات داخل المؤسسة العسكرية.

ووفق موقع “Institut Géopolitique Horizons”، فقد جاء هذا الاعتقال في سياق شديد التوتر، في ظل حملة قمع واسعة النطاق تستهدف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين شاركوا في الهاشتاغ المنتشر #مانيش_راضي (لست راضيًا).

ويعكس هذا الحراك العفوي، حسب نفس المصدر، حالة من الاستياء الاجتماعي العميق، والذي يبدو أنه وجد صدى خاصًا داخل المؤسسات العسكرية، كما تظهر العديد من مقاطع الفيديو الداعمة التي انتشرت من مختلف الثكنات العسكرية في البلاد.

وجاء في موقع “Institut Géopolitique Horizons” أن الجنرال محمد قايدي وُلد عام 1961 في تابلاط، وهو مهندس دولة في مجال المعلوماتية، واكتسب سمعة ضابط نزيه خلال “العشرية السوداء” في تسعينيات القرن الماضي. ازدادت شعبيته داخل الجيش بفضل دوره المباشر في محاربة الإسلاميين المسلحين، كما نال تقديرًا دوليًا، خصوصًا خلال اجتماعات الناتو، حيث أقام علاقات قوية مع نظرائه الغربيين بفضل رؤيته الاستراتيجية ونهجه العملي في القضايا الأمنية الإقليمية.

وشغل قايدي منصب رئيس دائرة الاستعمال والتحضير في هيئة أركان الجيش الوطني الشعبي، وهو موقع استراتيجي يتيح له التخطيط العملياتي للقوات المسلحة، والتحكم في تحركات القوات، وتنسيق عمليات الأسلحة المشتركة، حيث أن هذا الدور الحساس منحه رؤية شاملة لإمكانات الجيش وتأثيرًا كبيرًا في عمليات نشر القوات.

هذا وتأخذ الحادثة التي أدت إلى إبعاده في نونبر 2021 اليوم أبعادًا خاصة، إذ خلال اجتماع عاصف لهيئة الأركان حول قضية السائقين الجزائريين الذين قُتلوا في المنطقة العازلة، اكتشف قايدي أن العملية، التي قُدمت كـ”مهمة لوجستية مدنية”، كانت في الواقع محاولة استفزازية ضد القوات المسلحة الملكية المغربية.

وأظهرت مواجهة قايدي مع رئيس الأركان السعيد شنقريحة بشكل مباشر، مندداً بهذا التلاعب وتجاوز صلاحياته، استقلالية نادرة داخل دوائر السلطة الجزائرية.

وأدى هذا الموقف إلى إحالته للتقاعد القسري بدلًا من اعتقاله الفوري، حيث إن نفوذه داخل الجيش جعل أي إجراء أكثر صرامة محفوفًا بالمخاطر سياسيًا في ذلك الوقت. إذ يبدو أن هذه التسوية أصبحت اليوم موضع إعادة نظر في ظروف مثيرة للتساؤلات، مما يشير إلى احتمال تدهور التوازنات الداخلية داخل المؤسسة العسكرية.

وفي سياق متصل، ذكر موقع “Institut Géopolitique Horizons”، أن قايدي نُقِل فوراً إلى سجن البليدة العسكري، حيث يُحتجز أكثر من 60 جنرالًا آخر، مما أثار تساؤلات حول حجم الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية. علاوة على أن اختيار تاريخ الاعتقال، الذي يتزامن مع ذكرى وفاة قايد صالح، قد يُفسَّر كرسالة موجهة إلى الضباط المنشقين المحتملين، ما يعكس حالة من القلق المتزايد في أعلى مستويات القيادة العسكرية.

وفي بلد تُعتبر فيه المؤسسة العسكرية مركز السلطة الفعلي، فإن اعتقال شخصية عسكرية بهذا الحجم والشعبية، لا يمكن اعتباره حدثًا عاديًا. إضافة إلى توقيت هذا القرار، وسط حراك اجتماعي مكثف وشائعات عن توترات داخل هيئة الأركان، قد ينذر بتطورات كبيرة في الأسابيع المقبلة.

وفي هذا الصدد، تعكس مظاهر التوتر الواضحة لدى السلطات، التي تتمثل في تكثيف الاعتقالات الاحترازية وتشديد الإجراءات الأمنية حول المنشآت الاستراتيجية، احتمالية أن يكون اعتقال قايدي مجرد قمة جبل الجليد لأزمة أعمق داخل المؤسسة العسكرية.

هذا وستكون الأيام المقبلة حاسمة لفهم ما إذا كان هذا الإبعاد القسري إجراءً وقائيًا أم بداية لإعادة تشكيل كبرى في المشهد السياسي الجزائري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى