تناقض السياسة العمومية مع الوضعية المناخية التي يعيشها المغرب يُسائل التدبير الحكومي لفترة الجفاف
يعاني المغرب حاليا من تحديات كبيرة تتعلق بالجفاف، حيث تشهد بعض مناطق البلاد نقصا حادا في هطول الأمطار، ونقص حقينة السدود.
وأمام هذا الوضع الراهن، يدعو خبراء بيئيين إلى اتخاذ إجراءات جادة للتصدي للتحديات التي تفرضها الأزمة، وتعزيز استدامة إدارة الموارد المائية وتطوير تقنيات الري الفعالة، وتشجيع الاستخدام العادل والرشيد للمياه.
تناقض مع الوضعية الحالية
وفي هذا السياق، قال محمد بنعطا “إننا نعيش فترة حادة من الجفاف، لكن، مع الأسف الشديد، السياسة العمومية الحالية لا تتماشى مع الواقع الذي نعيشه، ففي الوقت الذي نعاني فيه من الجفاف، بالمقابل، هناك توسيع الأراضي المسقية وحفر الآبار وبناء الصهاريج الكبرى، واستنزاف الثورة المائية الباطنية، وهذا تناقض كبير”.
وقال الخبير البيئي في تصريح خص به موقع “برلمان.كوم” إننا “نعيش سياسة مغايرة للوضعية التي يعرفها المغرب، حيث يتم خلق ضيعات كُبرى في الجنوب”، مشيرا إلى أن “تغير ال مناخ ازداد حدة في سنوات الجفاف، حيث تضاعفت وثيرة سنوات الجفاف وبلغت 7 سنوات كل 11 سنة”، وأمام هذا الوضع دعا الخبير البيئي إلى تكييف السياسة العمومية مع الوضع الحالي في المملكة.
ومن جهة أخرى، رفض الخبير البيئي الاستمرار في الإقبال على بعض الزراعات مثل الأفوكا التي تستنزف المياه، بالإضافة إلى البطيخ الأحمر، وهي أنشطة فلاحية ليست في صالح المغرب في الفترة الحالية.
الاستعداد للقادم
من جانبه قال مصطفى بنرامل إن “تراجع حقينة السدود والوضعية التي يعيشها المغرب حاليا، كانت متوقعة نتيجة استمرار ظاهرة النينيو منذ يوليوز الماضي، وهي التي كانت سببا في ارتفاع درجات الحرارة واضطراب في التساقطات المطرية، إما أن تكون قوية في فترة وجيزة كما وقع في نهاية شهر شتنبر وبداية شهر أكتوبر أو فيضانية كما وقع في الصيف في بعض المناطق من البحر الأبيض المتوسط”.
وأضاف الخبير البيئي في تصريح له لموقع “برلمان.كوم” أن “هذه السنة ستعرف اضطرابا من حيث التساقطات المطرية التي من المنتظر أن تكون غزيرة وقوية خلال شهر يناير وفبراير، حيث كانت قليلة وضعيفة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال شهور فصل الخريف منذ شهر شتنبر إلى غاية أواخر شهر دجنبر، مشوبة بقلة التساقطات مع ارتفاع في درجات الحرارة في بعض الفترات، أو استقرار درجات الحرارة في المتوسط العادي لفصل الخريف في حدود 13 و14 درجة في المتوسط”.
وأكد بنرامل أن هذا الوضع سيجعل الطلب على الماء كثيرا فيما يخص الأراضي الزراعية المسقية، أو توقف النشاط الزراعي في الأراضي الزراعية البورية، وهذا ما يؤثر على المحاصيل الزراعية في المستقبل، وسيكون فقط الاعتماد على الزراعات المسقية، سواء داخل البيوت المغطاة أو في المناطق التي تستمد مياهها إما من الأودية التي تعرف صبيبا مستقرا كواد سبو وواد اللوكوس وواد أم الربيع، أو عن طريق الإمدادات المائية من السدود بالرغم من انخفاض حقينتها نتيجة تراجع التساقطات المطرية والاستغلال المستمر لتلك المياه في النشاط الزراعي والفلاحي على حد سواء”.
وفي هذا السياق، دعا الخبير البيئي السلطات إلى الاستعداد للقادم من الأيام، مع استمرار تداعيات ظاهرة النينيو التي سيبقى تأثيرها إلى غاية السنوات الثلاث المقبلة، من أجل وضع خطط استباقية وفق التنبؤات التي وضعها مجموعة من الخبراء والباحثين، ووفق التوقعات العالمية لحالة المناخ.