عزيز حاكمي-
يعيش حزب العدالة والتنمية معارضة شرسة منذ تراسه أول حكومة بعد دستور 2011. معارضة مركزة بين مكونين حزبين نظرا لقوة تأثيرهما دون اغفال الأحزاب الأخرى أو التقليل من شانها. هذا التمركز يتمحور حول مكونات.
حزب الاصالة والمعاصرة المولود ولادة قيسري والتي فرضتها ضرورة موضوعية وصل فيها المشهد السياسي حد الاختناق أولا. وثانيا للوقوف امام المد الإسلامي المتصاعد نضيف إلى هذا اختزال أو الارتداد على التناوب التوافقي وقد يذهب المهتم أن شاء إلى أسباب أخرى لا طائلة من سردها. قبل الحزب مند ميلاده بحملة رفض جمعت بين عداء واضح من طرف أحزاب سياسية واخر مخفي خجول لأحزاب أخرى. فأتى الربيع المغربي الذي اعتبر فرصة سانحة لتصفية الحساب والحبل الذي يجب لفه حول عنق الحزب. رغم أن حركة 20 فبراير خفضت من سرعة الجرار إلى أنها لم تستطع إيقافه. وكانت نتائج الانتخابات أن حصل الحزب على المرتبة الرابعة. وهي نتيجة تترجم أن الحزب ما زال فاعلا ورقما لا يجب الاستهانة به. صحيح أن مشروع الحزب في صيغته الأولى انتهت لكن تأثيره مازال ساري المفعول وصحيح أيضا أن معارضة الحزب محدودة مهما كثرة اللغط الدي تثيره. بسبب اقتصارها على مؤسسات الدولة والاعلام. لا يعرف الحزب تجدرا وحضورا اجتماعي يمكن الارتهان عليه.
حزب الاستقلال يبقى الحزب الوحيد في المغرب الذي لا يسجل تراجعات كبيرة في الانتخابات مند الاستقلال إلى اليوم ولعل المتتبع لتاريخ الحزب يلمس دلك. فالحزب ظل يتأرجح بين الرتبة الأولى والثانية.
والسبب في رأي المتواضع لا يعود إلى قوة أو جاذبية برنامجه السياسي إنما تعود إلى اليات ومكانيزمات أخرى تدخل في إطار الصناعة الانتخابية. قاد الحزب تحالفا في البداية مع العدالة والتنمية لكن جرت وقائع الاحداث بما لا تشتهه رياح التحالف الحكومي
فكان أن قرر أمينه العام السيد حميد شباط الخروج للمعارضة بعدما تبين للحزب استحالة الاستمرارية في تحالف غير مضمون النتائج خصوصا أن الوزارات التي شغلها وزرائه غير مغرية ومحدودة التأثير. وأن تقيم اداء الحكومة في نهاية ولايتها سلبا أو ايجابا سيؤول لحزب المصباح. هو انسحاب استراتيجي ادن مهما سوغته لغة التبرير السياسي.
تغيرت نبرة الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط. وحيثما حل وارتحل راح ينتقد بشتى الطروق والوسائل. من منابر اعلامية الى التجمعات الخطابية والنقابية حزب العدالة والتنمية وامينه العام عبد الاله بن كيران، هذا النفس لم يدم طويلا. إذ سرعان ما خفت وانقطع فغاب حميد شباط عن وسائل الاعلام وتناقصت خرجاته. وهنا سؤال يفرض نفسه علينا. هل صمت شباط شبيه بالهدوء الذي يسبق العاصفة، أم صمت حكيم سياسي علمته خبرة السنين أن السكوب الاعلامي لا يصنع بالضرورة حدثا سياسيا؟
المعركة التي ما فتئت تهدئ حتى يشتعل فتيلها من جديد بين حزبي المصباح والجرار. ورهان الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. فحزب الاصالة والمعاصرة سيلقي بكل اوراقه. ويخرج كل اسلحته لأنه يدرك ان اصحاب الولادة القسرية لا يعمرون طويلا فان خسر الرهان اضمحل أمل الاستمرار. بنفس الوجاهة.خصوصا وأن الحزب لا تاريخ سياسي له يمده بالقوة وقت الضرورة قصد الاستمرار. من جهته فان حزب العدالة والتنمية سيعمد الى لغة التشكي ويحافظ على قناع الضحية ويعلي من لغة الاخلاق والقيم، فبالإضافة الى انها تستعمل كسترة لإخفاء عجز الحزب على تسيير وتدبير شؤون البلاد. فإنها رصيد انتخابي يوجد الحزب توظيفه، ورغم أن شعبية الحزب قد تعرف بعض التراجع إلى أنه سيبقى منافس يحسب له حساب. فلا عجب ولا استغراب ان عاد شباط لعقد صلح مع حزب بن كيران عملا بالحكمة القائلة “في السياسة ليس هناك صديق دائم أو عدو دائم هناك مصالح دائمة.”