في مقال ناري، كتبه الباحث والكاتب اللبناني خير الله خير الله، ونشره موقع “مصر اليوم”، تطرق الأخير إلى قضية الوضع المتأزم بين الحكومة المغربية وأمين عام الأمم المتحدة، على إثر تصريحاته وتصرفاته الـأخيرة خلال زيارته للجزائر والصحراء المغربية.
صاحب المقال أبرز في مقالته المعنونة ب: “بان كي مون في المغرب العربي، أو غياب الرؤية” الزوابع الجديدة التي يحاول الامين العام افتعالها من أجل تحريك ملف محسوم لصالح المملكة، وتجاوزته إلى تحديات جديدة تدعم تطوير والنهوض بأحوال المواطنين الصحراويين المغاربة بدل الاستمرار في مسلسل الملاسنات الفارغ.
كما أكد الكاتب أن بان كي مون الذي اتسم تحركه الأخير بالغرابة ظهر في مظهر موظف بسيط لا يملك مهارات سياسية، معبرا بذلك عن جهله الفظيع بحقيقة ما يجري في المغرب العربي.
وهذا هو نص المقال الذي نشر في التاسع من الشهر الجاري:
لا بدّ من وضع الأمور في نصابها، خصوصا بعد التحرّك الذي قام به الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في منطقة المغرب العربي في سياق الجهود التي يظنّ أنه يبذلها لتسوية قضية الصحراء المغربية. كلّ ما فعله بان والمجموعة المرافقة له يتمثّل في الانضمام إلى لعبة منحازة لا أفق سياسيا لها تستهدف المغرب، كما تستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة كلّها.
لم يكن التحرك الذي قام به بان كي مون والذي توّج بلقاء مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة موفقا، خصوصا أن المغرب لم يكن مرتاحا لطروحاته وسدّ أبوابه في وجهه. كيف يمكن لشخص عاقل تجاهل أن قضية الصحراء هي نزاع مغربي – جزائري وأن الباقي تفاصيل، خصوصا بعدما خسرت الجزائر الحرب التي تشنّها بالواسطة على المغرب. هل جاء بان كي مون إلى المنطقة لمكافأة العدوان الجزائري على المغرب؟
غابت الرباط عمدا، عن الجولة المغاربية للأمين العام التي يبدو أن الهدف الوحيد منها تجاهل المبادرة المغربية الخاصة بالصحراء. تقوم هذه المبادرة التي سبق للأمم المتحدة أن اعتبرتها جديرة بالاهتمام على الحكم الذاتي للصحراء وذلك في إطار السيادة المغربية.
جاء بان كي مون إلى المنطقة للإيحاء بأنّ هناك لعبة أخرى في المدينة، كما يقول الأميركيون. لا وجود لمثل هذه اللعبة من قريب أو بعيد. كلّ ما هناك أن الأمين العام للأمم المتحدة سعى إلى تسويق أفكار بالية عفا عنها الزمن تقوم على تنظيم استفتاء في الصحراء بغية إعطاء أهلها حق تقرير المصير. من الصحراوي، ومن غير الصحراوي، الذي سيشارك في الاستفتاء، ما دام والد محمّد عبدالعزيز الأمين العام لجبهة “بوليساريو”، التي ليست سوى أداة جزائرية، كان عسكريا برتبة صف ضابط في القوات الملكية المغربية، وهو من منطقة جديدة الساحلية التي لا تبعد كثيرا عن الدار البيضاء.
كان مهمّا أن ينهي بان كي مون ولايته بطريقة أخرى تعكس رغبته في استيعاب المتغيرات التي تطرأ على القضايا والملفّات العالقة في أروقة المنظمة الدولية. مثل هذا الاستيعاب للأمور يسمح بتحقيق إيجابيات والتوصّل إلى حلول وتسويات.
استعاض عن ذلك بممارسة لعبة الموظّف الكبير الذي لا يمتلك أي موهبة سياسية من أي نوع كان، باستثناء قراءة الدرس الذي عليه تغييبه والتزام نص هذا الدرس بحرفيته من دون طرح أي أسئلة مفيدة من أيّ نوع كان. إنّه انعدام الرؤية بأبشع صوره لا أكثر.
في ضوء هذه المعطيات التي لا تبشّر بالخير، جاء بان كي مون إلى منطقة المغرب العربي للتأكّد من أن الأمم المتحدة عاجزة عن اتخاذ أي خطوة تصبّ في اتجاه الانتهاء من ملف الصحراء بشكل إيجابي. أراد، بكل بساطة، تأكيد أن الملفّ سينتقل إلى خلفه وسيبقى معلّقا من أجل تحقيق هدف واحد هو استنزاف المغرب المهتمّ أوّلا وأخيرا بالتنمية وتحسين الأحوال المعيشية للمواطن. تشمل هذه التنمية سكان المحافظات الصحراوية، وهم مواطنون في المملكة مثلهم مثل أي مواطن آخر في وجدة أو تطوان أو طنجة أو الرباط أو الدار البيضاء أو فاس أو مكناس أو مراكش.
لم يكن لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس يوما أي طموح باستثناء الاهتمام بالمواطن المغربي ورفع مستوى معيشته. لذلك، ليس طبيعيا أن ينضمّ الأمين العام للأمم المتحدة إلى الحملة الجزائرية على المغرب.
ما يجعل المرء يشعر بخيبة، أنّ هذه الحملة لا تستهدف مواطني المملكة فقط، بمقدار ما أنّها تستهدف بقاء الصحراويين الموجودين في تندوف في حال من البؤس والتعبئة، بدل السماح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم والعيش بسلام وأمان في محافظات تتمتع بحكم ذاتي موسّع في ظل دستور عصري لا يختلف اثنان على أنّه يوفّر كل الضمانات المطلوبة للمواطن. هل قرأ بان كي مون نصّ الدستور المغربي الجديد، وما يتضمنّه من ضمانات للمواطن وللأحزاب السياسية على كلّ صعيد؟
لو كان لدى الأمين العام للأمم المتحدة مقدارا من الفكر السياسي الخلاّق، لكان اعتبر أنّ واجبه الأول يتطلب إنقاذ المقيمين في مخيمات تندوف من الأسر. في استطاعته خدمة الصحراويين، بدل البقاء في أسر نصوص لا علاقة لها بالواقع.
بالنسبة إلى المغرب، انتهت حرب الصحراء منذ فترة طويلة. ملفّ الصحراء جزء من الماضي. هناك من حاول استخدامه ورقة ضدّه وفشل في ذلك. لن ينجح بان كي مون حيث فشلت الجزائر التي ترفض الاعتراف بأنّ مشكلتها مع شعبها ومع الإرهاب، وليست مع المغرب. هناك صفحة طواها المغرب منذ استطاع الانتصار في هذه الحرب التي كان يغذّيها في مرحلة معيّنة مجنون اسمه معمّر القذافي.
معركة المغرب من نوع آخر. هذا ما لم يستطع الأمين العام للأمم المتحدة استيعابه بأي شكل. معركته مع الإرهاب والتطرّف. معركة المغرب مع الفقر الذي يولد منه الإرهاب والتطرف ويوفّر حاضنة لهما. معركة المغرب مع تطوير البرامج التعليمية وخلق فرص عمل للشباب المغربي. معركة المغرب في الرهان على الطاقة الشمسية.
جاء بان كي مون إلى المغرب العربي في التوقيت الخطأ من أجل معالجة الملفّ الخطأ. جاء لافتعال قضيّة في حكم المنتهية منذ فترة طويلة. هل مهمّة الأمين العام للأمم المتحدة إحياء قضايا معيّنة طواها الزمن من أجل الإساءة إلى دول معيّنة ليس إلا؟
إذا كان من خدمة يستطيع بان تقديمها إلى الصحراويين، لماذا لا يطلب من الجزائر أن تقيم لهم دولة في أراضيها. كل الجنوب الجزائري مليء بالصحراويين. كل الشريط الممتد من موريتانيا وصولا إلى جنوب السودان، شريط صحراوي. أما لماذا هذا الانحياز إلى الجزائر ضدّ المغرب، فهذا أمر أقلّ ما يمكن أن يوصف به أنّه في غاية الغرابة.
في الأشهر القليلة الباقية من ولايته الثانية والأخيرة، يجدر بالأمين العام للأمم المتحدة النظر إلى بعيد. لعلّ أوّل ما يفترض به النظر إليه هو كيفية إيجاد إطار إقليمي تتعاون فيه كلّ دول المنطقة، من بينها الجزائر، من أجل مكافحة الإرهاب. المشكلة مرتبطة إلى حدّ كبير بالأراضي الليبية التي صارت مسرحا لـ”داعش” وما شابه “داعش”. المشكلة الموازية في الساحل الصحراوي حيث لا يمكن القول إن الجزائر تلعب دورا إيجابيا في مجال مكافحة الإرهاب. أكثر من ذلك، لم يعد سرّا أن وجود جبهة “بوليساريو”، التي ليست سوى أداة جزائرية، والتي تستخدم المساعدات الدولية لأغراض خاصة بها لا تخدم بأي شكل الصحراويين الأسرى في تندوف.
هل فات بان كي مون هذا الواقع، أم أنّ كل همّه محصور في ضمان بقاء ملف الصحراء مفتوحا، أقلّه نظريا، في غياب القدرة على الاعتراف بأنه صار من الماضي منذ زمن طويل، علما أنّه في حال كان مطلوبا التوصل إلى حلّ نهائي، فإن هذا الحلّ في متناول اليد اليوم قبل غد. إنّه الحل المغربي الذي لا وجود لحل غيره في حال كان المطلوب خدمة المنطقة والاستقرار فيها، بما في ذلك خدمة الجزائر وإخراجها من أزمتها المستعصية.
إن اللبنانيون يعرفون جيدا مفهوم الدولة الوطنية وحساسين لمعنى الوحدة الترابية للبلدان ،فلبنان دولة مؤسسة على مجموعة من الطوائف ورغم اختلافاتهم العرقية والسياسية والطائفية …ومع ذلك يتعالون على كل اختلاف من تقديس الوحدة الترابية للبنان.
يسلم تعليقك رغم بعدك الجغرافي عن المغرب
كلام متزن وفي الصميم
فعلا ان ما حدده ملك المغرب من أعداء هم: الفقر الأمية البطالة و التهميش. هذا ما نحارب و الله ولي التوفيق. اما العريان المدجج بالسلاح، أقول له و لهم راجعوا حساباتكم و كذلك درس قصة الكلبة براقش. أرجو من الله سبحانه و تعالى ان يديم علينا نعم السلم والسلامة و الاسلام و الأمن والامان والإيمان، امين و الحمد لله رب العالمين، سلام عليكم.