تثير العديد من الأحداث الإرهابية التي سجلتها دول أوروبية، مجموعة من التساؤلات، كون هذه الوقائع “المتطرفة” جميعها، تكاد تكون مقرونة بارتفاع صوت الإعلام الأوروبي، الذي يقول “إن معظم الإرهابيين هم مهاجرون مغاربة، يتبنون الفكر المتطرف الذي يبرر إقدامهم على خوض غمار العمليات الإرهابية”.
تهمة الإرهاب تلاحق المهاجر المغربي
وغالبا ما تكون هذه هي النقطة التي تفيض الكأس، خصوصا وأن الإعلان عن هوية الإرهابيين، لا يتم إلا بعد حدوث العمليات المتطرفة على اختلافها.
وهو الأمر الذي يجب أن يكون محط اهتمام وتساؤلات، حول سبب التحفظ، هل هو عجز عن استيعاب سياسات ناجحة للهجرة، أم أن الأمر متعلق أساسا بمحاولة تغطية الفشل وقذف “المهاجر المغربي” بالعديد من التهم، في أفق عرقلة سيرورته في الاندماج الذي يعتبر الحلقة الأساسية في مشروع الهجرة.
هل أصبح الإرهاب عرفا مقدسا في الضفة الأوروبية
من خلال تتبع مجريات الأحداث الإرهابية، التي ضربت فرنسا في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى الأحداث المتكررة في ألمانيا، يحتد السؤال حول حتمية هذه الوقائع، التي تكاد تكون عرفا مقدسا، وسنة مؤكدة تقض مضجع المواطنين، كما تتسبب في إضفاء الطابع السلبي على المهاجر المغربي، الذي تشير له أصابع الاتهام وتحمله مسؤولية ما يقع.
الانطباعات الشخصية تبث في الموضوع.. والدراسات العلمية ترف فكري
في ظل غياب الدراسات والأبحاث الميداينية التي تسلط الضوء على الأسباب الماثلة وراء ارتفاع الأحداث الإرهابية، التي غالبا ما توكل مسؤوليتها لمهاجرين مغاربة، تظل آراء مختصين في المجال وانطباعات شخصية، هي المبرر الوحيد الكفيل بتدارس هذه الظاهرة.
وفي الصدد نفسه، تتعدد القراءات الواردة في موضوع الإرهاب في الدول الأوروبية، الذي يستأثر باهتمام الرأي العام، بالنظر لجسامة الثقل الذي تمارسه على المجتمعات الأوروبية.
الضفة الأوروبية بؤرة العمليات الإرهابية
يشار إلى أن مجموعة من الدول الأخرى في أوروبا (على سبيل المثال، الدنمارك وهولندا) تتمتع ببرامج مبتكرة على مستوى المجتمعات المحلية، وتتعامل مع التحديات نفسها التي تواجهها السلطات البلجيكية في بروكسل.
لذلك، فالسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا يتم اعتماد هذه البرامج في مولينبيك؟ فالاتصالات والاستخبارات ليست السبيل الوحيد لتعقب الشبكات الإرهابية والقبض على العقول المدبرة للإرهاب، إذ يلعب أفراد المجتمع دوراً هاماً أيضاً عبر الإبلاغ عن العلامات المبكرة للتطرف.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد هجمات 11 شتنبر، استمر الأوروبيون في تذكير الولايات المتحدة بعدم المبالغة بردها على الهجمات بما يمس حقوق الإنسان.
أما الآن، وفيما تتعرض أوروبا للهجوم، فقد تراجع هذا الخطاب بشكل ملحوظ، بيد أن خطر المبالغة في رد الفعل خطر حقيقي. لذا، فبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى اتباع منهجية متوازنة لمقاربة أحدث التهديدات، يجب أن يكون على يقين من عدم توليد أفراد أكثر تطرفاً.
“داعش” تؤجج الجدل وتستغل أزمة اللجوء والهجرة
في هذا السياق، يقدم المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ـ وحدة الدراسات والتقارير، مجموعة من التقارير التي تسلط الضوء على الموضوع قيد الدراسة.
وفي تقرير له، يشير المركز إلى أن هناك مجموعة من الأسئلة الملحة التي باتت أجوبتها مفضوحة خاصة بعد الصور التي تداولتها بعض وسائل الإعلام الأوروبية عن عناصر إرهابية من تنظيم “داعش” تواجدت مؤخرا في بلدان أوروبية كمهاجرة.
وقد بات تكتيك التنظيم الإرهابي واضحا للعموم، حيث أنه يستغل أزمة اللاجئين والمهاجرين لشن هجمات على أوروبا التي تشارك بعض دولها في التحالف الدولي ضد “داعش” بسوريا والعراق، ولعل السبب الأساسي الذي يكمن خلفه استهداف هذه الجماعات لأوروبا تحديدا، هو أنها تضم جاليات مسلمة في أوروبا.
الإسلام يؤجج المخاوف…وأوروبيون يخشون أسلمة أوروبا
فمن وجهة نظرهم المحدودة، يعيش المسلمون في أوروبا حالة من الاضطهاد التي يمكن التطبع معها، مما يجعلها هدفا مباشرا للعمليات الإرهابية، كذلك، فإن سياسة بعض دول أوروبا في الشرق الأوسط، ومحاربتها لـ”الإرهاب”، ودورها القوي في التحالف الدولي كانت ضمن الأسباب التي جعلت أوروبا قبلة للإرهابيين وعملياتهم.
وفي التقرير نفسه، أبدى مكتب الشرطة الأوروبية (أوروبول) تخوفه من أن تغير شبكات إرهابية طرق عملها في أوروبا، محذرا من استخدامها لسيارات مفخخة، وقال المكتب في تقرير نشر في لاهاي إن “تنظيم داعش كتنظيم إرهابي يلجأ في أوروبا إلى استخدام عبوات يدوية الصنع أو متفجرات عسكرية أو تجارية في سيارات مفخخة”، كما حدث في سوريا والعراق.