شهدت تونس في الأيام القليلة الماضية تطورات كبيرة على مستوى المشهد الرقمي، حيث أمرت النيابة العامة باعتقال ومتابعة عدد من صناع المحتوى، كما صدر حكم بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف بحق إحدى صانعات المحتوى بتهمة “التجاهر بالفاحشة”. الأمر الذي أحدث جدلا واسعا وأثار ردود أفعال متباينة؛ إذ رحب البعض بالقرار باعتباره خطوة ضرورية لحماية قيم المجتمع، بينما رأى آخرون أنه يشكل انتهاكاً لحرية التعبير ومحاولة لتقييد الحريات الشخصية.
وفي هذا السياق قال أمين رغيب خبير المعلوميات والأمن الرقمي، في تصريح له لموقع “برلمان.كوم”، بأن مسألة حرية التعبير ومواقع التواصل الاجتماعي باتت تثير نقاشا واسعا، حيث يوجد عدد كبير من المؤيدين لحرية التعبير على هذه المنصات، ويأخذون الدول الأجنبية مثالا يُحتذى به في حرية التعبير عبر الإنترنت.
وأشار ذات الخبير، إلى أن الدول التي تُعتبر رائدة في حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر قيوداً عديدة، حيث تتفاعل شركاتها الرقمية الكبرى مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب مع منشورات الناس بطرق قد تصل إلى حذف الصور والمنشورات وحتى الحسابات، خصوصا عندما تتناول أحداثا عالمية.
وتابع الخبير أن الأحداث الأخيرة، وتحديداً ما يجري في غزة، أبرزت كيف تُقيّد هذه المنصات حرية التعبير عبر فرض رقابة صارمة على المنشورات. وأكد قائلاً: “يجب أن يفهم الناس معنى الحرية الحقيقي، لأن حرية التعبير تتوقف عند بداية حرية الآخرين، فعندما نصل إلى التشهير أو السب والقذف، لا نتحدث عن حرية التعبير بل عن حالة من الانفلات”.
كما تناول رغيب موضوع “التجاهر بالفاحشة” في المحتوى العربي، معتبراً أن هناك ضرورة لوقفة تأمل، قائلاً: “ما نشاهده من محتوى غير لائق و يتنافى مع مجتمعاتنا المحافظة، وأشد على أيدي من يعملون على وضع قوانين لتنظيم الحياة العامة على الإنترنت، لأننا نعيش فعلاً فترة من الانفلات في هذا المجال”.
وأكد المتحدث على أن المحتوى غير اللائق ينتشر بطريقة غير اختيارية للمستخدمين، حيث أن خوارزميات منصات مثل فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام تعرض المحتوى المشابه بناءً على التفاعل مع منشورات الأصدقاء، حتى إذا كانت الإشارة إلى المحتوى أو الشخص المعني عرضية فقط. وشرح قائلاً: “يكفي أن يُذكر اسم أو تُعرض صورة لشخصية معينة، ليبدأ المحتوى المرتبط بها بالظهور بكثرة للمستخدم”.
وشدد المصدر ذاته، على ضرورة تنظيم الحياة الرقمية في المغرب على غرار بعض الدول العربية، مشيراً إلى أهمية حماية صورة المغرب أمام العالم، وأيضاً حماية الشباب الناشئ من التأثر بهذا المحتوى. مردفا : “فالعديد من الشباب اليوم باتوا يتوجهون إلى منصات مثل تيك توك وفيسبوك لتحقيق الشهرة، حتى لو عن طريق نشر محتوى لا يتناسب مع الذوق العام، وذلك بسبب غياب قيمة المحتوى لديهم”.
وختم الخبير في المعلوميات والأمن الرقمي، بالتأكيد على ضرورة العمل على تأطير الحياة العامة في الإنترنت لحماية الشباب، الذين يُعتبرون ثروة وطنية، مشيراً إلى أهمية تعزيز فهم أن النجاح والشهرة لا يجب أن يرتبط بهذا النوع من المحتوى.